Thursday, February 1, 2007

المقدّمة

مقدِّمة


كان ذلك خلال صوم 2004، في كنيسة مار مارون- ديترويت يوم الجمعة العظيمة، حين نظرت الى صورة مار مارون مفكرا بمئات آلاف الموارنة المشتتين في جميع أنحاء العالم. في ذلك اليوم بالتحديد، راودتني فكرة عشاء ال"توديتو" الماروني الذي من شأنه أن يلم شمل العائلة المارونية ويطلع الأجيال الجديدة على تاريخ أسلافهم الموارنة  ليستخلصوا منه العبر.
"توديتو" هي كلمة سريانية ومعناها" الشكر". والواقع ان عشاء ال "توديتو" الماروني هو عشاء شكر
نذكر في خلاله قصتنا منذ بدايتها حتى ايامنا هذه. ويقسم تاريخ الموارنة بمجمله الى ثلاثة اجزاء. في كل جزء، نذكر الاوقات العصيبة التي قاساها اسلافنا، الى جانب ازمنة المجد التي خطها التاريخ.
خلال هذه العشاء الغني بالرموز والقائم على تاريخ الموارنة والمستوحى من العشاء الأخير أو عشاء عيد الفصح، يمكن للعائلة المارونية أن تختبر ما كان على أسلافنا أن يعيشوه كي يحصنوا إيمانهم ويحفظوا على حريتهم ويصونوا استقلالهم. كما ويمكن للموارنة أن يختبروا عبر حواسهم ( الشم والذوق و الأكل والبصر واللمس ) ومن خلال الرموز ( الورود وأغصان الزيتون ) ما عرفه اسلافهم من أحزان وأفراح...
إنك تجد على مائدة ال"توديتو" الشموع والخبز والخمر والمياه المالحة والجرجار والفاكهة والورود بالإضافة إلى الكتاب المقدس وأغصان الزيتون والمناديل. قبل بدء العشاء، من المهم أن نفسر ما تعني المياه المالحة والجرجار (أي الأعشاب المرّة) و الفاكهة والخبزوالخمر في عشاء الرب يسوع الأخير مع تلاميذه، وكيفية إرتباطه بالقداس الإلهي وعشاء ال "توديتو" الماروني. كما اننا سوف نتطرق إلى اهمية دور المرأة والطبق الرئيس.

المياه المالحة
   على الأرجح أنّ يسوع وتلاميذه قد استخدموا المياه المالحة خلال العشاء الأخير وتذكروا الدّموع التي ذرفها شعب الله أيام العبودية في مصر.
    وخلال القدّاس الالهي، نذكر الدّموع الّتي ذرفناها أيام كنّا عبيداً للخطيئة.
وفي عشاء ال"توديتو" المارونيّ، نغمس الخبز في المياه المالحة لنتذكّر الدموع التي ذرفها أسلافنا عندما أجبروا على ترك أراضيهم في سوريا ولبنان...
الجرجار
     في عشاء الفصح، استخدم التلاميذ الأعشاب المرّة وتذكّروا المرارة الّتي ذاقها أسلافهم أيّام عبوديّتهم في مصر. وعلى الأرجح أن ربنا يسوع المسيح قد غمس قطعة الخبز في الأعشاب المرّة، وقدّمها ليهوذا الإسخريوطي كيما يذوق هذا الأخير مرارة الخيانة.
وخلال القدّاس الإلهي، نذكر المرارة الّتي قاسيناها حين كنّا عبيداً للخطيئة.                               
   وفي عشاء ال"توديتو" المارونيّ، نذكر المرارة الّتي ذاقها أسلافنا في أوقات الذلّ تحت وطأة الإحتلال او الإنقسام.    
الفاكهة
    خلال العشاء الأخير، على الأرجح أنّ يسوع وتلاميذه قد تناولوا الفاكهة لتذوّق حلاوة الحرية.
وإنّا كمسيحيّين، نختبر حلاوة الحرّيّة كلّ مرّة نعترف فيها بخطايانا.
وفي عشاء ال"توديتو" المارونيّ، نتناول الفاكهة لنتذوّق حلاوة الإيمان والحرّيّة والإستقلال والخلاص. 


الخبز
   وفقاً لبعض التّفسيرات، تمثل قطع الخبز الثّلاث في عشاء الفصح الملائكة الّذين زاروا إبراهيم . وبالنّسبة إلى المسيحيّين، يمثّل الملائكة الثّلاثة الثّالوث الأقدس: الآب والإبن والرّوح القدس. وفي العشاء الأخير، قسمت قطعة الخبز الوسطى إلى قطعتين، وحفظت إحداهما مع القطعتين الأخريين، بينما غلّفت الأخرى بقطعة قماش أو منديل وتركت جانبا. وبعد العشاء، أعيدت إلى المائدة. في المسيحيّة، كسر يسوع المسيح، الأقنوم الثّاني من الثّالوث الأقدس على الصليب (أي صلب ومات)، ثمّ لُف بكفنٍ ووُضع في القبر، وفي اليوم الثّالث، قام من بين الأموات.
     بعد العشاء الأخير، أمسك يسوع قطعة الخبز الثّانية الملفوفة بالقماش والمتروكة جانباً، ثمّ قال للتّلاميذ: "خذوا كلوا هذا هو جسدي" (مرقس ۱4: ۲۲).
وخلال القدّاس الإلهي، يكسر المحتفل الخبز ويتناوله قائلاً: جسد سيّدنا يسوع المسيح يُعطى لي لمغفرة خطاياي وللحياة الأبديّة". وقبل المناولة، يقول الموارنة أو ينشدون:"آنو آنو لحمو دحايي إيمار موران خول دوخل لي بهيمونوتو  نيراث حايي"، وتعني:" قال الرّب إنّي أنا الخبز المحيي مَن يأكلني بالإيمان يُعطى الحياة".
     وفي عشاء ال"توديتو" المارونيّ، نستخدم ثلاث قطع من الخبز (أي "لحمو" بالسريانية). وتُكسر الأولى إلى قطعتين لتذكّر "بيت مورون" الذي دمّر من أجل الإيمان. تؤكل القطعة الأولى فيما تُلف الثّانية بقماش اومنديل وتوضع جانباً. وبعد العشاء، يتناول الموارنة هذه القطعة عند الشّكر، متذكّرين كيف تغذّوا عبر التّاريخ من خبز الحياة من خلال مار مارون و"بيت مورون" والكنيسة المارونيّة.

الخمر
تُشرب في عشاء الفصح أربع كؤوس تعبر عن:
- كأس التّقديس
- كأس الحرية
- كأس الفداء
- كأس الإكتمال
     وفي العشاء الأخير، قدّم ربّنا يسوع المسيح لتلاميذه الكأس الثّالثة أي كأس الفداء قائلاً: "خذوا اشربوا منه كلّكم، فهذا هو دمي دم العهد الّذي من أجلكم ومن أجل الكثيرين يهرق ويبذل لمغفرة الخطايا"
(متى 26: 27- 28 ).
     وخلال القدّاس الإلهي، يشرب المحتفل من الكأس قائلاً: "دم سيّدنا يسوع المسيح يُعطى لي لمغفرة خطاياي وللحياة الأبديّة". وقبل المناولة، يتلو الموارنة أو ينشدون: هوناو  كوسو دمزغيه موران عل ريش قيسو قروب مويوتي وشتاو مينيه لحوسوي حوبي "، وتعني: "هذه الكأس دم الفادي فوق العود فاشربوها تمحُ الإثم تحيي الأموات".
ويقول المحتفل للجميع: "هذه هي الكأس الّتي أعدّها سيّدنا يسوع المسيح على خشبة الصّليب. فتعالوا أيّها المائتون واشربوا منها لمغفرة الخطايا".
     وفي عشاء ال"توديتو" المارونيّ، تُستخدم أربع كؤوس من الخمر: 
- كأس الأمانة
- كأس الحرية
- كأس الإستقلال
فنتذكّر شهداءنا الموارنة الّذين بذلوا دمهم في سبيل الإيمان والحرية والإستقلال. وبعد العشاء، نتناول الكأس الرابعة والأخيرة لنتذوّق فرح الخلاص.
 دور المرأة
لا بدّ من أن نلاحظ في عشاء ال"توديتو" المارونيّ أهمية دور المرأة. في تاريخ الخلاص، أتت العذراء مريم، أي المرأة أو حواء الجديدة، وعبر قولها نَعَم، أعطت بالنّور يسوع المسيح للعالم.
 وفي عشاء ال"توديتو" المارونيّ، تمثّل المرأة السّيدة العذراء. فهي تضيء الشّموع  وترمز الشمعة الكبيرة الى ربنا يسوع المسيح نور العالم. أمّا الشّموع الصّغيرة الثّلاث، فهي تمثّل إيمان الموارنة  ورجاءهم ومحبتهم المستهدفة عبر التاريخ. وترمز الشّموع الكبيرة الثّلاث الى إيمان الموارنة ورجائهم ومحبّتهم الّتي اصبحت أقوى. وتقدّم المرأة لأولادها الفاكهة ليذوقوا حلاوة الإيمان والحرية والإستقلال والخلاص، وتعطيهم أيضاً الكتاب المقدّس ليقوّوا إيمانهم، كما أنّها تطلب منهم أن يشمّوا الوردة الّتي تمثّل الكنيسة. وأخيراً، تقدّم لهم أغصان الزّيتون لتذكرهم برسالة السّلام الّتي عليهم أن يحملوها إلى العالم.

الطبق الرئيس
في عشاء ال"توديتو" المارونيّ، تكون "الهريسة" طبق العشاء الرّئيس.
إليكم المقادير:
- أربع قطع من لحم الحمل
- كوبان صغيران من القمح الكامل ( المنقوع طوال اللّيل حتّى الصّباح التّالي)
- بصلة كبيرة
- عودان إثنان من القرفة
- ثلاث أوراق من الغار
ضعوا اللّحم في قدر كبير وصبّوا عليه الماء، ثمّ اغلوها جيّداً واستمرّوا في قشد الرّغوة. أضيفوا البصل وعودَي القرفة وأوراق الغار. ثمّ أضيفوا القمح ودعوه يغلي ببطء لساعةٍ إضافيّة حتّى يصبح طريّاً، بعدها أضيفوا بصلة كبيرة الحجم و أربع فصوص من الثّوم وقليلاً من الزبدة. أضيفوا بعض الملح والبهارات لإضفاء النّكهة.
ألف صحتين

No comments:

Post a Comment